تحقيق - يوسف العربي

تحفظ مواطنون ومقيمون على طرح نظارات شمسية مزودة بكاميرا، تمكن مستخدمها من التقاط صور ومقاطع فيديو للأشخاص، ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي من دون إخطارهم، ما اعتبروه انتهاكاً للخصوصية، فيما أكدت الشركة المنتجة لهذه النظارات أنها توفر طريقة تصوير سهلة للمستخدم، ولا تمس خصوصية الآخرين، كما أكدوا أن منتجهم حصل على التراخيص اللازمة لتداوله داخل أسواق الدولة.
وأعلنت شركة «سناب» مؤخراً عن طرح نظاراتها «سبيكتيكالز»، المزودة بكاميرا فائقة التطور في متاجر التجزئة في الدولة، وهي النظارات التي تتيح للمزيد من المستخدمين التقاط الصور ومقاطع الفيديو في الوقت الذي تتخذ فيه تصميم النظارة الشمسية.
من جانبها، قالت م البلوشي: «إن وجود نظارة مزودة بكاميرا متصلة بالهواتف المتحركة يمكنها التقاط الصور، ومقاطع الفيديو، ونشرها بشكل فوري على شبكة التواصل الاجتماعي «سناب شات»، يعد تطوراً تكنولوجيا، يحمل وراءه الكثير من المخاوف التي تتعلق بحدود استخدام هذه النظارات، وإمكانية انتهاكها لخصوصية الآخرين في ساحات الترفيه وعلى الشواطئ العامة».
وأضافت أن من السهل ملاحظة أي شخص يقوم بالتصوير بكاميرا الهاتف، حيث سيكون مضطراً في هذه الحالة إلى رفع هاتفه وتصويبه إلى الأشخاص والأماكن التي يريد تصويرها، بينما يصعب ملاحظه التصوير بالكاميرا المدمجة بالنظارات.
وقالت: «إنها لا ترحب من جانبها بوصول هذا المنتج إلى السوق المحلية، حيث يتطلب من الأشخاص المزيد من الانتباه للحفاظ على خصوصيتهم في الكثير من الأماكن يرتادونها». وأضافت أن نشر الصور أو مقاطع الفيديو في الأماكن الترفيهية ومناسبات الآخرين وللمصابين يعد من أشكال انتهاك الخصوصية.

الأماكن العامة
من جانبه، قال محمد بركات، مدير سلسلة مطاعم، أنه تلقى تعليمات من الجهة المالكة بعدم السماح لرواد المطعم بارتداء النظارات المزودة بكاميرا للحفاظ على خصوصية الآخرين، حيث تمنع اللوائح والقوانين تصوير أي شخص من دون الحصول على إذن مسبق منه.
ولفت إلى أنه على الرغم من أن هذا النوع من النظارات الرقمية يتضمن علامات مميزة عند تفعيل عملية التصوير إلا أن ارتداءها في مثل هذه الأماكن التي تتسم بنوع من الخصوصية والهدوء يثير قلق الكثيرين لاسيما أن معظمها نظارات قاتمة اللون «شمسية»، ومن ثم لا داعي لارتدائها في الأماكن المغلقة مثل المطاعم والمقاهي، وغيرها.
وقال بركات: «إن من السهولة تميز النظارات ذات العلامات التجارية المعروفة مثل نظارات سناب شات وجوجل لكن الصعوبة تكمن في تميز النظارات الأخرى والأجهزة الأخرى التي تأتي بعلامات تجارية غير معروفة، وتضمن كاميرات مدمجة يصعب تمييزها أو رصدها خلال التصوير، لافتاً إلى أنه في حال تم رصد قيام أي شخص باستخدام النوع الأخير لانتهاك خصوصية الآخرين بشكل متعمد يتم إبلاغ الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات المناسبة».
من جانبه، قال ربيع دبوسي، نائب رئيس أول تطوير الأعمال والمبيعات والتسويق في «دارك ماتر» لـ «الاتحاد»: «إن النظارات الرقمية، وبقية الأجهزة القابلة للارتداء، المزودة بكاميرات مدمجة عالية الدقة والمتصلة بالهواتف الذكية، تشهد رواجاً عالمياً ملموساً».
ولفت إلى أن الكاميرات المدمجة بهذه الأجهزة ينطبق عليها ما ينطبق على كاميرا الهاتف المتحرك، والتي يستخدمها الجميع في التصوير في الأماكن العامة، في إطار المعايير والقواعد المعمول بها في كل دولة، كما تخضع الكاميرات المدمجة بالأجهزة القابلة للارتداء للمحاذير نفسها التي تخضع لها كاميرا الهاتف المتحرك.
وأكد دبوسي على أهمية تمتع المستخدم لأي جهاز مزود بكاميرا بالوعي الكافي للتفريق بين العام والخاص، وما يمكن له القيام بتصويره من دون المساس بخصوصية الآخرين.
وشدد على أهمية أن تكون هذه الأجهزة المتصلة بالهواتف المتحركة، عبر شبكات الـ «بلوتوث» أو الـ «واي فاي»، مؤمنة من قبل المصنع والمستخدم من إمكانية اختراقها، وذلك من خلال الإرشادات التقنية المعروفة، والتي يأتي في مقدمتها ضرورة اعتماد كلمات مرور معقدة للربط مع الهاتف، وعدم الاكتفاء بكلمات المرور القياسية.

الأجهزة القابلة للارتداء
من جانبه، قال المهندس أحمد الزبيدي، خبير الهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية: «إنه قام ضمن مهامه التقنية بتجريب الإصدار الأول من نظارات سناب شات «سبيكتيكالز»»، معتبراً أن هذه النظارات تشكل نوعاً جديداً من الأجهزة القابلة للارتداء المزودة بكاميرا تمكن مستخدميها من توثيق مغامراتهم ورحلاتهم ومشاركتها عبر موقع التواصل الاجتماعي.
وأضاف الزبيدي أنه على الرغم من إقبال فئة الشباب على هذا المنتج إلا أنه لا يزال يثير مخاوف الكثيرين، خاصة الأكبر سناً، حيث يعتقد البعض منهم أنه يمكن إساءة استخدام هذه النظارات الرقمية للتعدي على خصوصيتهم على الشواطئ وفي ساحات الترفيه على سبيل المثال.
وأضاف أن نظارات سناب شات «سبيكتيكالز» المزودة بكاميرا مدمجة تأتي بتصميم مميز، وتعطي ضوءاً دائرياً حول عدسة الكاميرا عند البدء في التصوير، وهي أمور تسهل على الآخرين معرفة ما يقوم به المستخدم، وفي المقابل فإنها تتيح التصوير بزاوية 150 درجة، وهي زاوية تصوير متسعة، تمكن المستخدم من التقاط الصورة أو الفيديو من دون الحاجة إلى توجيه كاميرا النظارة بشكل لافت.
ويمكن الإصدار التالي من هذه النظارات المستخدم من التقاط الصور ومقاطع الفيديو لمدة يوم كامل بعملية شحن واحدة، وهو مقاوم للماء، ومدعوم باثنين من الميكروفونات لالتقاط أصوات عالية الجودة، ومزودة بذاكرة كبيرة تتيح تخزين مئات من اللقطات.


وعند ارتداء هذه النظارات يمكن التقاط الصور من دون استخدام الهاتف المتحرك، من خلال الضغط على الزر المخصص على هيكل النظارة لبدء التصوير بتقنية الوضوح العالي، ويمكن تخزين هذه المقاطع أو نقلها لحساب المستخدم على موقع التواصل الاجتماعي «سناب شات».

حرمة الحياة الخاصة
وقال المحامي فيصل عباس الشافعي، المستشار القانوني بمكتب كنعان للمحاماة والاستشارات القانونية، إن قانون العقوبات رقم 3 لسنة 1987 وتعديلاته ووفق المادة 378 جرم القانون على حرمة الحياة الخاصة.
وجاء قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 5 لسنة 2012 ليواكب التطورات التكنولوجية الحديثة لحماية خصوصية الأفراد بوجه عام سواء في الأماكن العامة أو الخاصة، حيث حظرت المادة رقم 21 من القانون التقاط صور أو مقاطع فيديو للغير بدون أدن مسبق.
ووفق هذه النصوص القانونية يتبين أهمية أن يراعي المستخدم لهذه الأجهزة خصوصية الغير حيث أن إساءة الاستخدام تعرضه للمساءلة القانونية، مبيناً أنه يجب أن اتخاذ الحيطة والحذر المتوجب توافرهما للشخص العادي للتفرقة بين ما هو مندرج تحت خصوصية الغير وما هو مسموح للعامة بالتعرض له تصويرا أو تسجيلاً.

فحوص اعتماد النوعية
وقال أحمد الشامسي، مدير أول قسم اعتماد النوعية في الهيئة العامة لتنظيم الاتصالات، أنه يتوجب على الشركة المنتجة لأي جهاز قابل للتوصيل بالشبكات سواء كان هذه الاتصال بشبكات الهاتف المتحرك «GSM»، أو «واي فاي»، و«بلوتوث»، الحصول على ترخيص من إدارة اعتماد النوعية في الهيئة قبل طرح هذه الأجهزة للتداول في السوق المحلية.
وقال الشامسي لـ «الاتحاد»: «إن جميع الأجهزة القابلة للارتداء والمزودة بإمكانية التوصيل بالشبكات تخضع لفحوص مسبقة في «المختبر الوطني لفحص أجهزة الاتصالات»، للتأكد من توافقها مع المعايير المشار إليها».
وأكد أن الشركة المنتجة لنظارات «سبيكتيكالز» طلبت الحصول على ترخيص لمنتجها المزود بخاصية الاتصال «بلوتوث»، وتم فحص المنتج وفق المعايير القياسية المعتمدة، وحصلت على الترخيص اللازم لبيعه بالسوق المحلية، كما تقدمت شركات أخرى منتجة للساعات الذكية بالطلب نفسه.
وقال: «إن النظارات المزودة بكاميرا المرخص لها تأتي بتصميم مميز ومعروف للعامة، كما أنها تعطي إشارة ضوء (إل دي) دائري من خلال تفعيل عملية التصوير».
وحول الحالات التي يمكن فيها حجب الترخيص عن الأجهزة القابلة للارتداء، وما ضمانات الحفاظ على الخصوصية في النظارات المزودة بالكاميرا؟، قال الشامسي: «إنه لا يتم منح الترخيص للأجهزة التي يتعمد بها إخفاء الكاميرا المدمجة لضمان الحفاظ على خصوصية الآخرين».
ويتولى المختبر الوطني لفحص أجهزة الاتصال فحص أجهزة الهاتف المتحرك، والأجهزة اللوحية، وأجهزة الإنترنت اللاسلكي «راوترز»، فضلاً عن مجموعة متنوعة من الأجهزة الذكية المتصلة بشبكة الإنترنت.
وينافس المختبر في جودته وتقدمه أفضل المختبرات العالمية الموجودة لدى كبريات شركات تصنيع الهواتف الذكية والأجهزة التكنولوجية، حيث يصنف المختبر حالياً ضمن مختبرات الفئة في هذا المجال.

«سناب» لـ «الاتحاد»: حصلنا على الترخيص.. والخصوصية أبرز الأولويات
أكدت شركة «سناب» العالمية أن الحفاظ على خصوصية المستخدمين يعد أبرز أولويات الشركة، مع التزامها بمواصلة تقديم منتجات مبتكرة، تلبي تطلعات مستخدمي تطبيقها الشهير «سناب شات»، حيث تؤمن الشركة بإمكانية مضيها قدماً في المسارين من دون المساس بالخصوصية وسرية البيانات.
وأكدت الشركة في ردها على أسئلة «الاتحاد» بخصوص نظارات «Spectacles» المزودة بكاميرا مدمجة، ومدى توافقها مع القوانين ومتطلبات الحفاظ على خصوصية الآخرين، أنها حصلت بالشراكة مع موزعها المعتمد في دولة الإمارات العربية المتحدة «لايم كونسيبتس» على الرخص المطلوب من قبل الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات قبل طرح المنتج بمنافذ التجزئة المعتمدة داخل الدولة.وأضافت الشركة أنه تم تجهيز نظارات «Spectacles» بعلامات مميزة، تشير إلى أن الكاميرا المدمجة قيد التشغيل، فعند التقاط صورة أو فيديو عبر الكاميرا المدمجة تضيء حلقة معززة بضوء «LED» مشع لتنبيه الآخرين بأن الكاميرا بدأت بالتسجيل.
وأوضحت الشركة أنه مع كل ضغطة على زر التصوير يمكن التقاط فيديو مدته 10 ثوانٍ، ويمكن للنظارة التقاط ما يصل إلى 30 ثانية من الفيديو المتواصل، لذا فهي غير مصممة للتصوير المتواصل.
وفيما يتعلق بالضمانات الأخرى للحفاظ على الخصوصية أكدت «سناب»: «قمنا على وجه التحديد بتصميم نظارات (سبكتيكلز) بهيئة نظارات شمسية، لأنه من المفترض أن يتم استخدامها في الخارج سواء أثناء خوض مغامرة ما أو خلال تمضية اليوم العادي».
وقالت: «إن استخدام نظارات «سبكتيكلز» يخضع إلى القوانين والأنظمة المتبعة في دولة الإمارات المعنية باستخدام الكاميرات العادية والهواتف المتحركة، والتي تمنع تصوير الأشخاص في الشوارع والأماكن العامة من دون إذنهم المسبق».
وقالت الشركة العالمية: «نعتقد أن الكاميرا ستلعب جزءاً مهماً من الطريقة التي سنستكشف بها ونفهم من خلالها العالم من حولنا، حيث إن تطبيق «سناب شات» الذي طورته الشركة، يعد أكثر الكاميرات استخداماً في العالم، حيث يصور مستخدمو التطبيق حول العالم أكثر من 3 مليارات لقطة يومياً».
وأضافت أن الكاميرات ستشهد مزيداً من التطور، ومن المرجح أن تحقق مزيداً من الانتشار.